مدينة القاسم المقدسة
يمتد تاريخ مدينة القاسم الى أعماق التاريخ فهي تقع جنوب مدينة بابل التاريخية وتمتاز بوجود نهر يسمى نهر سورى سميت المنطقة باسمه (سورى) اشتهرت بكثافة بساتينها وعذوبة أجوائها وتنوع محاصيلها وكثرة خيراتها وهذا ما أشار إليه الامام الحسن العسكري عليه السلام عندما زاره احد العلويين من ذرية الامام الكاظم عليه السلام مع ابنه في سامراء وكان الابن تحدثه نفسه في ان يأخذ ما سيجود به
الامام العسكري ( ع) ليصعد به الجبال (المنطقة الشمالية ) طلبا للرزق فأشار عليه الامام ان يغير وجهته ويذهب الى سورى ففيها من الرزق الوفير ما يغني عن طلب الجبال وهكذا كان اذ يروي نفس العلوي ان ما حصل عليه في سورى يعادل إضعاف ما كان يحلم به ولا زال كل من سكن هذه المدينة مجاورا للأمام القاسم (ع) بنوايا صادقة يعيش ببركات هذا الامام الجليل وبلا عناء
اما الاهمية الدينية للمنطقة فقد اشار اليها الامام الصادق (ع) ومن بعده الامام الكاظم (ع) ضمنا باجابتهما (ع) عند تحديد وقت صلاة الصبح بالقول (اذا رأيت بياض الفجر معترضا كبياض نهر سورى ) ثم ان القاسم (ع) لم يختر هذه المنطقة بدافع الاطمئنان لسلامته الشخصية على اهميتها اذ ابقى اسمه ونسبه الشريفان طي الكتمان حتى لحظاته الاخيرة مما يدل على انه (ع) اختارها لما تتمتع به من أهلية لتكون منارا علميا وفكريا لمذهب اهل البيت (ع) فغرس غرسا علميا تمثل فيما بعد ببروز العديد من اكابر العلماء والفقهاء الذين حوتهم معاجم الفقهاء ممن يحمل لقب السوراوي مثل نجيب الدين السوراوي وعلي بن الفرج السوراوي والمقداد السيوري (ت/826هـ)صاحب كتاب كنز الرفان في فقه القرآن ) وغيرهما .
وفي العصر الحديث احتلت مدينة القاسم مكانتها فكان من بين ابنائها رجال الفكر والشعر والفن والابداع اضافة الى حملة الشهادات العليا في العلم والدين .
ومن ابرز ما حضيت به هذه المدينة المقدسة ان قيض الله لها عددا من ابرز علماء الدين كوكلاء لمراجع الدين العظام في النجف الاشرف وممثلين لهم وهي ظاهرة ملفتة فعلا اذ لم تجد من هؤلاء المرموقين من لم يترك اثرا طيبا في هذه المدينة علما وسيرة وخير مثال مدرستها الدينية ومكتبة الصحن الشريف .
هذه العناية الربانية بتعاقب العلماء الاعلام جعلت من سكان هذه المدينة شعلة إيمانية وهاجة وصدى مدو لصوت المرجعية الدينية في النجف الاشرف والتصاق شديد بمنهج اهل البيت (ع) فكرا وسيرة .
ومن المزايا الاخرى لمدينة القاسم أنها تمثل عقدة مواصلات هامة تربط المحافظات الجنوبية ومحافظة واسط بمحافظات كربلاء والنجف وبابل .
ومن الناحية الادارية فان هذه المدينة تتبع محافظة بابل وتبعد عن مركزها (مدينة الحلة ) مسافة( 35 كم)
فيما لا تبعد أكثر من ( 40 كم ) عن مركز مدينة الديوانية .
وببركة الوجود المقدس للضريح الطاهر اجتذبت المدينة العديد من السكان من إطرافها ومن المدن الاخرى القريبة منها والبعيدة.
ما يفتخر ويتشرف به اهالي القاسم كثرة الزائرين لضريح الامام القاسم (ع) من داخل العراق وخارجه لما يتمتع به من عصمة صغرى وقرب للمعصومين ( ابن إمام , أخ إمام , عم إمام ) وما يتميز به من خصائص فريدة اجمع عليها العلماء والرواة ولم يختلفوا في تحديد مرقده الشريف .
نسأل الله جل وعلا ان يمن على بلاد المسلمين جميعها بالأمن والرخاء وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين